أفلام عز وغالي.. مطلوب من الشعب أن يصدق هذا الفيلم الهابط

أفلام عز وغالي.. مطلوب من الشعب أن يصدق هذا الفيلم الهابط

Spread the love

الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية، طاف كل القنوات الفضائية، وحل ضيفا على معظم البرامج الحوارية للترويج للضريبة العقارية المرفوضة بإجماع آراء الشعب المصرى.. ولكن أمام الضغط الشعبى الجارف الرافض للضريبة الجائرة، قرر «غالى» فجأة مد أجل تقديم إقرارات الضريبة العقارية 3 شهور أخرى، حيث لم يتقدم بالإقرار سوى 2 مليون مواطن من أصل 30 مليوناً مطلوباً منهم التقدم بالإقرارات.

ولكن المهندس أحمد عز، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، يعترض، وينفعل، لأن غالى لا يحق له مد أجل تقديم الإقرارات، فهذا تشريع ولا يحق لغير مجلس الشعب التدخل فيه، ودعا «عز» الحريص كل الحرص على الحياة التشريعية والسياسية والدستورية إلى أن يكون التعديل من المجلس.. طبعا فالشكل أهم من المضمون!

ولكن الحقيقة التى لا تغيب عن أى مواطن فى مصر، هى أن عز وغالى بطلان وشريكان فى فيلم سخيف واحد مللناه وحفظناه جميعا.. فرغم أن عز يمثل السلطة التشريعية، وغالى يمثل السلطة التنفيذية، إلا أنهما شاركا معا فى سيناريو تمريرها وفرضها على الشعب فرضا.. فغالى هو الذى وضع ملامح ومواد القانون الذى يفرض على كل مصرى يعيش ولو فى كوخ من الطين اللبن أن يقدم إقرارا ضريبيا.. وهو قانون لم يعجب والد الوزير نفسه، لدرجة أنه قال له «إيه اللى بتهببه ده» بنص كلامه مع صديقنا معتز الدمرداش فى برنامج «90 دقيقة».

وكما كان غالى مسؤولا عن الدفاع عن القانون فى مجلس الشعب.. كان الشريك المتضامن له أحمد عز يقدم له كل الدعم، وبدلا من أن ينحاز للشعب بحكم موقعه البرلمانى، أفرط فى انحيازه للحكومة، واستغل موقعه الحزبى داخل المجلس فى تمرير القانون الظالم، وحينما تجرأ أحد النواب باقتراح أن تفرض الضريبة على المسكن الثانى مع إعفاء المسكن الأول، وافق أغلبية المجلس على الاقتراح، إلا أن أحمد عز نظر إليهم- حسب المنشور فى الصحف التى تابعت الجلسة وقتها– ونهرهم قائلا: إيه ده.. إيه ده.. فسارع نواب الأغلبية المذعورون بخفض أياديهم، ولم تبق مرفوعة إلا أيادى المعارضة قليلة العدد داخل المجلس رغم أنها تعبر عن الأغلبية فى خارجه.. فحصل القانون الجائر الذى تريده الحكومة على الموافقة رغم أنف الشعب.

ولم يكن هذا الفيلم هو الأول من نوعه الذى شارك فى بطولته عز وغالى، ففى جلسة 5 مايو 2008 الشهيرة والتى رفعت فيها الحكومة أسعار البنزين فجأة لتدبير موارد العلاوة التى أقرها الرئيس بنسبة 30%، عقد عز وغالى عدة اجتماعات قبل الجلسة، وحتى لا يتغيب نواب الوطنى، تقرر أن يكون حضورهم بكارت يتم تسليمه فى المجلس، ووافق المجلس بأغلبية عز ونوابه على قرارات غالى التى لا تتناسب مع الشعب، لدرجة أن الناس قالت «ليت العلاوة لم تأت».

ومشروع الضريبة العقارية الذى فرضه علينا غالى فرضا، وحصل على تأييد عز ونوابه قد يكون مطبقاً فى دول أخرى متقدمة حسب خطابهما الإعلامى، ولكنها- الضريبة- بالتأكيد لا تتلاءم مع نمط الحياة المصرية، فلو كان غالى يريد تطبيقها علينا، فيجب عليه أن يجعلنا نعيش فى نفس مستوى المعيشة فى الدول التى تطبقها.. وعلينا أن نعرف مقدار الضريبة التى يدفعها المواطن المصرى بالنسبة لدخله، مقارنة بالضريبة التى يدفعها المواطن فى هذه الدول بالنسبة لدخله.. كما أن الدول التى تطبق الضريبة العقارية لا يعيش أكثر سكانها فى عشوائيات مثلما يحدث عندنا، وهى دول تمارس دورها فى توفير مساكن حضارية مخططة ومناسبة للمواطنين.

وقانون الضريبة العقارية يعكس خيبة الحكومة وعجزها.. فأسهل ما يمكن أن تدبره الحكومة موارد جديدة من جيوب المواطنين عن طريق فرض ضرائب إضافية.. ولكن المهارة والصعوبة فى تدبير موارد من إجراءات اقتصادية حقيقية لتشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة وإعادة النظر فى الإنفاق العام.. والحقيقة المؤسفة أن كل حكومات عصر الرئيس مبارك لجأت للبحث عن حلول لمشاكلها عن طريق فرض ضرائب جديدة..

فمحمد الرزاز وزير المالية الأسبق نجح فى فرض ضريبة المبيعات رغم الرفض الشعبى العام لها، والآن نجح غالى فى فرض ضريبة عقارية..

ومن المنتظر أن يتم فرض ضرائب جديدة خلال الفترة القادمة مع استمرار عجز الموازنة.. وغالى نفسه أحد أسباب العجز المتزايد فى الموازنة، فهو يبيح لنفسه دفع مئات الملايين من أموال دافع الضرائب المصرى فى إعلانات تافهة عديمة الجدوى، بينما يبحث عن ضرائب جديدة لحل مشاكل الحكومة.. وهو وزير يعرف طريقه جيدا.. فهو يهتم جدا برضا المؤسسات الدولية المالية عنه وينال ثقتها، بينما لا يهتم إطلاقا بالشعب المصرى ولا يشغل باله بكراهية الملايين له ورفضهم لسياسته.

وعز يشبه غالى.. فكلاهما يعرف أن وجوده فى موقعه ليس له أدنى علاقة برضا الشعب عنه.. ولهذا تجد أن هناك ما يشبه الإجماع فى الرأى العام المصرى عليهما، ولكنهما لا يتوقفان ولا يشعران بالخجل أبدا من المشاركة فى بطولات أفلام يقومان بتمثيلها على الشعب.

والحقيقة أن النظام الآن عليه أن يعيد حساباته بسرعة فى كثير من الأمور بشكل عام، وفى هذين الاسمين بشكل خاص.. فالمبالغة فى فرض الضرائب ترتبط تاريخيا بنهايات العهود السياسية.. والمؤكد أن صاحب قرار مد أجل تقديم الإقرارات قد أصاب- ولا أعتقد إطلاقا أنه الدكتور يوسف بطرس غالى- ولكنه سيكون مصيبا أكثر بل مستفيدا أكثر لو أمر مجلس الشعب بإعادة النظر فيها وإلغائها.