01 نوفمبر الوقت غير مناسب لدفع العجلة
كنت أتمنى أن يصدر بيان رسمى مصرى قوى يعلن أن الوقت غير مناسب لاستقبال أى مسؤول إسرائيلى فى المرحلة الحالية.. فلا أعرف كيف يستقبل الرئيس مبارك خلال أيام رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بينما الرأى العام المصرى ثائر ومحتقن من تفاصيل تحقيقات شبكة التجسس الأخيرة المتورط فيها شاب مصرى واثنان من رجال الموساد؟.
هذه المقابلة ستكون رقم 7 منذ تولى نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية فى 31 مارس 2009، فقد التقى به الرئيس 6 مرات سابقة، منها 3 خلال عام 2009 فى أيام 11 مايو، و13 سبتمبر، و23 ديسمبر.. كما التقى به 3 مرات أخرى خلال عام 2010 فى أيام 3 مايو، و18 يوليو، وأخيرا 14 سبتمبر.. وعقب كل لقاء كان البيان الرسمى يوضح أن الهدف من اللقاء هو دفع عجلة السلام للأمام.. وهى جملة أصبحت سيئة السمعة تصدر عقب لقاء شخص سمعته أسوأ، ولا نلمس بعدها تحركا للعجلة إلا للخلف.. ولكننا كنا نعتبرها محاولات يائسة لإنقاذ مايمكن إنقاذه رغم أن أحدا لم يكن يتوقع منها كلها خيرا، فلا يمكن أن ينفض الجميع أيديه من القضية الفلسطينية.
والآن لدينا خصوصية تمنعنا، بل تفرض علينا عدم استقبال نتنياهو.. فالموساد الإسرائيلى جند شابا مصريا للتجسس على مصر.. والتجسس أداة لجمع المعلومات بين الدول المتحاربة أو التى يتسم المناخ بينها بالتوتر، بينما الدول التى ترتبط بعلاقات رسمية سلمية تعتمد فى جمع المعلومات على الشكل الرسمى عبر السفارات المعتمدة.. ومعنى ضبط شبكة تجسس إسرائيلية واحدة تلو الأخرى أن إسرائيل تستخدم أداة من أدوات الحرب معنا، وهذا دليل على مالا نحتاج لتأكيده، وهو أن نوايا إسرائيل معنا نوايا حرب وليست نوايا سلام.
والحقيقة أن مصر ضبطت شبكات تجسس إسرائيلية متعددة خلال عقود السلام، ولكن الشبكة الأخيرة تحديدا ذات دلالة كبرى.. فالهدف الرئيسى من هذه الشبكة حسبما ورد فى التحقيقات هو ضرب العلاقات بين مصر وكل من سوريا ولبنان.. فإسرائيل التى تأسست على اغتصاب أرض الغير، لاتنسى أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى حققت نصرا عسكريا مؤزرا عليها، وقوة مصر من قوة العرب، واتحاد العرب يعنى ضعفا لإسرائيل والعكس صحيح.. ورغم أن الشبكة الأخيرة تم ضبطها، إلا أن الهدف الإسرائيلى بضرب العلاقة بين مصر وأشقائها العرب يظل قائما.
ومثل هذه الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلى والمتوقع لها الأربعاء القادم حسب التصريحات الصادرة من تل أبيب ستؤدى لآثار بالغة السلبية على مصر، حيث ستبدو مصر ضعيفة أمام المجتمع العربى الذى تابع مانشر عن التحقيقات مع المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل، وعرف العرب جميعا تفاصيل ماجرى، وشعروا بالفخر الشديد بأن أجهزتنا الأمنية يقظة وقادرة على التعامل مع هذه العمليات الإسرائيلية، بل لا أبالغ إن قلت إن الكشف عن هذه الشبكة الأخيرة أعاد للأذهان ذكريات أمجادنا وبطولاتنا طوال فترة الصراع العربى الإسرائيلى، ومعنى اللقاء المرتقب أن هذا الشعور بالفخر سيتحول لموجة من النقد والهجوم الإعلامى، إذ كيف تستقبل مصر من تجسس عليها وأرادها بسوء؟.
الحقيقة أنه لايوجد على السطح مايجعل هذا اللقاء المرتقب ضروريا وملحا، ولا أتوقع أن يحدث فيه مالا يمكن التحدث عنه عبر التليفون.. ولن تصلح مع هذا اللقاء تحديدا تصريحات عجلة السلام الروتينية التى لم يعد يقبلها أحد.. وعين الصواب هنا أن تعلن مصر رسميا أن مصر ترفض لقاء بنيامين نتنياهو أو أى مسؤول إسرائيلى آخر بسبب تجسس أجهزة مخابراتها على مصر بالمخالفة لما تقتضيه شروط وتعهدات معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة فى 1979.. وهذا حق لنا ولأى دولة تحترم نفسها وشعبها..
فبريطانيا مثلا، وهى صاحبة وعد بلفور الشهير، اتخذت موقفا صارما تجاه إسرائيل بعد ثبوت قيام جهاز الموساد بتزوير جوازات سفر بريطانية لعملائه واستخدامها فى تنفيذ عملية اغتيال المبحوح فى الإمارات منذ 10 شهور، ونشبت أزمة بين بريطانيا وإسرائيل ممتدة حتى الآن، وينتظر عقد لقاء خلال الأيام القادمة بين وزير الخارجية البريطانى وتامير باردو رئيس الموساد إسرائيلى الجديد لتقديم اعتذار رسمى لبريطانيا لإنهاء الأزمة.
كما يجب أن تطلب مصر رسميا من إسرائيل توضيحا لحقيقة التصريحات التى أطلقها مائير داجان رئيس الموساد السابق، والتى أدلى بها عند خروجه من الخدمة، وأكد فيها أن الموساد سعى لتنفيذ عمليات تستهدف ضرب الوحدة الوطنية فى مصر وزعزعة أمنها واستقرارها، وكانت تصريحات صادمة للرأى العام وقتها، والتزمت الحكومة المصرية الصمت تجاهها وكأن شيئا لم يكن.
قولوا لنا سببا واحدا يجعلنا نستقبل نتنياهو الآن؟