حسن شحاتة.. مدى الحياة

حسن شحاتة.. مدى الحياة

Spread the love

تصوروا.. كيف يصبح حال المنتخب »المنتصر« لو أصبح الكابتن حسن شحاتة مدربا للمنتخب مدى الحياة بعدما حققه من إنجازات؟.

المؤكد أنه لولا تداول السلطة فى المنتخب المصرى لما تحققت البطولات، ولما فرح المصريون، ولما تفاعلوا مع لاعبى المنتخب خلال مبارياته..

ورغم أن قيادة المنتخب تتم بالتعاقد وليس بالانتخاب، إلا أنها تعكس أهمية التغيير.. فالتغيير يعنى البحث عن الأفضل والتجديد فى الدماء والرؤى والأهداف، ويعنى إعادة بعث الأمل وزيادة القدرة على المنافسة والإبداع..

ولايتصور أحد أن مدربا واحدا كان يستطيع أن يقود المنتخب بكفاءة عدة عقود متصلة، فحين يعرف المدرب أنه مستمر كل هذه الفترة، فمن الطبيعي أن تنخفض اللياقة ويتدهور الأداء، ومن المؤكد أن بعض اللاعبين المقربين من المدرب سوف يستمرون مهما كان أداؤهم هزيلا.. ولو كان استمرار المدرب غير مقترن بالأداء أو بتحقيق الأهداف أو برضا الجمهور، لأصبح الفريق كله بعيدا عن اهتمام الرأى العام.

ومنذ 1981 حتى الآن تغيرت قيادة المنتخب المصري لكرة القدم 21 مرة.. كان بعض المدربين يستمر شهورا أو عاما أو عامين وربما أكثر.. ولكن كان الاستمرار أو الرحيل يرتبط دائما بالقدرة على تحقيق الأهداف.. والتغيير ليس عيبا على الإطلاق.. فالبقاء للأفضل قاعدة تضمن التفوق والانطلاق.. ودائما يكون هناك وقت مناسب لتغيير القيادة.. فحينما يصبح تحقيق الأهداف صعبا، يجب أن يفسح القائد مكانه لمن هو أفضل منه.. ولا مانع أن يأتى التغيير باختيار خاطئ، وقد حدث هذا عدة مرات فى المنتخب، ولكن طالما أن هناك قدرة على التغيير، سوف يأتي الأفضل فيما بعد.. وهذا الأفضل موجود دائما.. ولولا التداول والتغيير لاستحال للأفضل أن يصل للمكان الذى يستطيع منه أن يدير وينجح ويطور وينطلق.

ومحمود الجوهري مثلا قاد المنتخب 4 مرات خلال الفترة من 1988 حتى 2002.. وقد تمكن الجوهرى من الوصول بالمنتخب المصرى إلى كأس العالم عام 1990، وكانت هذه المرة هى الثانية التى يصل فيها المنتخب المصرى لكأس العالم منذ عام 1934، وكان أداء المنتخب المصرى فى هذه البطولة مشرفا أمام الفرق الكبرى ومنها منتخب هولندا لدرجة إشادة النقاد الرياضيين العالميين بمستوى الفريق المصرى.. وقد حقق المنتخب المصرى بطولات متعددة مع الجوهرى.. ولم يكن هناك أى عيب فى خروجه من قيادة المنتخب ثم عودته عدة مرات، ورغم خروجه من هذا العمل نهائيا منذ سنوات، إلا أن نجاحه المتكرر لم يكن مبررا لاستمراره للأبد، فالتغيير هو سنة الحياة.

وحل الكابتن محسن صالح محل الجوهرى منذ 2002 حتى 2004.. ثم جاء بعده الإيطالي ماركو تارديللي لمدة عام.. وبعده جاء الكابتن حسن شحاتة عام 2005.. وهو قائد مؤهل لديه خبرة طويلة وسجل رياضى مشرف.. فقد بدأ حياته لاعبا بنادى كفر الدوار بالبحيرة، وانضم للزمالك عام 1966،

وكان اللاعب الوحيد الذى حصل على لقب أحسن لاعب فى قارتين، الأولى بأفريقيا والثانية بآسيا حينما كان لاعبا بنادى الكاظمية الكويتى.. وبدأ شحاتة مشواره التدريبي عام 1983، وتولى قيادة المنتخب، وخلال 4 سنوات من القيادة الحسنة تمكن من الحصول على كأس الأمم الأفريقية 3 مرات متتالية، وكان آخرها منذ أيام.. كما حصل على بطولة دورة الألعاب العربية وكأس الأمم الأفريقية للشباب.

وحسن شحاتة قائد يجيد اختيار لاعبيه.. ولو كان سابقوه قد استقروا واستمروا، لما تمكن من الوصول لقيادة المنتخب، ولما ظهرت مهاراته وقدراته العالية.. وحسن شحاتة يختار لاعبيه وفق أسس يقتنع بها ونتفق معه فيها.. فاللاعب لابد أن يكون كفئاً وعلى خلق حتى يمكن تدريبه على الالتزام بقيمة العمل الجماعى وحسن الأداء.. وحسن شحاتة يبحث عن الكفاءات فى الفرق المختلفة حتى لو كانت مغمورة..

وقد اختار اللاعب محمد ناجى »جدو« مثلا وسط انتقادات كثيرة، وقد تبين فى البطولة الأخيرة أنه كان على حق، فقد أحرز هذا اللاعب المعجزة 5 أهداف خلال 135 دقيقة فقط من اللعب طوال البطولة.. وتحقق الفوز بالبطولة بفضل حسن القيادة وحسن اختيار اللاعبين وحسن التخطيط وحسن الأداء.. وكلها عوامل تؤدى للنجاح.. ولا عيب أن يختار حسن شحاتة لاعبا خطأ، ولكنه سيكون قادرا على تصحيح هذا الخطأ دائما.. فلو عاند وأصر على نفس الخطأ سيخسر المنتخب، وسيكون هو قد فشل فى مهمته..

ووقتها لن يستطيع أن يستمر، فالاستمرار مرهون دائما بالنجاح، ولو حدث الإخفاق لوجب التغيير.

وليس معنى نجاح حسن شحاتة البارع فى مهمته أن الزمن سوف يتوقف عنده.. فقد يعنى استمراره فشلا بعد حين.. وحسن شحاتة يعلم أنها لو دامت لغيره ماوصلت له.. وقد يحل محله من هو أقل منه كفاءة، ثم يتغير ليأتى الأفضل.. فالبحث عن التفوق عملية مستمرة ودائمة.. والعبرة دائما تكون بمدى القدرة على تحقيق الأهداف.

الحكمة من تداول السلطة هى اكتشاف الطاقات الكامنة وإطلاقها.. فنجاح الفريق يقاس بقدرة قائده على اكتشاف الطاقات وتوظيفها لتحقيق الهدف..

ولولا التداول لما تمكنت القيادات الحقيقية من الظهور والوصول، ولأصبحت الكفاءات معطلة ومخزنة بلا جدوى، ولما فاز المنتخب المصري ببطولة الأمم الأفريقية للمرة الثالثة على التوالى.. ولما عرفنا طعم الفرحة.. وعدم التداول يؤدى للجمود وإهدار الطاقات وضياع الأهداف وفقدان الأمال .
ليتنا نفهم جيدا لماذا فاز حسن شحاتة بالمنتخب المصرى.. وكيف يتحقق النصر؟!.