01 أبريل من الشهيد الرفاعى إلى تامر حسنى
كنت أسمع مند شهور قليلة عن تامر وشيرين.. وخوفا من إتهام البعض لى بأننى من الجاهلين، لم أكن أسأل عنهما.. ولكنهما كانا مغنيين مشهورين فى الأفراح والليالى الملاح.. ثم حدث الإنفصال التاريخى بينهما إثر خلاف استراتيجى، ترتب عليه أن نال كل منهما شهرته الكبيرة بمفرده بعيدا عن الآخر.
وتامر حسنى هو أحد أفراد كتائب المغنواتية الجدد، ذاع صيته جدا رغم حداثة سنه.. والحقيقة أنه لم يأت بهذه الشهرة من فراغ، فقد تعب واجتهد وجاهد وناضل.. اقتحم مجال الفيديو كليب بمجموعة من الأغانى التى لا تفهم منها سوى أن شابا يجرى وراء فتاه، وقد شاهدت له أحد الكليبات التى يظهر فيها مرتديا بنطلونا ملتصقا تمامابجسده، وحزامه يسقط عن سرته بنحو الشبر..
وقد وقفت خلفه وحوله مجموعة لابأس بها من فتيات الفيديو كليب ذوات المواهب الفريدة، فاقدات السيطرة على مؤخراتهن أثناء الرقص مع المطرب المعجزة تامر حسني، مستعينات بأقصر الثياب وأضيقها..مجهود غير عادى.. استحق عليه كل النجاح وبأسرع وقت ممكن.
المهم أن هذا التامر أصابه دور التجنيد.. ولم يكن من السهل عليه أبدا أن يترك كل هذه الشهرة والفيديو كليب والملايين التى جناها.. من المعجبات التافهات.. فقرر أن يواصل الجهاد فى الفيديو كليب، والهرب من مصنع الرجال
ومصنع الرجال هو الوصف الذى أطلقه الرئيس مبارك على القوات المسلحة – وهذة كما نعلم جميعا جريمة.. ولجأ الفنان تامر إلى جريمة التزوير من أجل تحقيق هدفة، وهو الهرب من شرف الجندية..
ومما يؤسف له وجود بعض الشباب والشابات المصريات من جيل وشاكلة تامر، يتعاطفون معه ويؤيدونه.. لدرجة أن شيرين شريكته الأولى، سمت فوق الخلاف الاستراتيجى مع تامر، وأعلنت أنها سامحته على ما اقترفه فى حقها من إثم، لأنه فى محنه تستوجب الوقوف الي جانبه.. وبدرجة أن بعض الشباب والشابات من مريديه وأنصاره ومحبيه طلبوا التظاهر بالسيارات لنصرته في سجنه. ودعماٌ له أثناء محاكمته في جريمة التهرب من شرفةالجندية.. طبعا..لأن قدوتهم وراعي مسيرتهم – تامر- ضحي بنفسه من اجل الفيديو كليب، وهو مستعد أن ينال الشهادة في سبيله.. فهو إنتماؤه الاول والأخير !!!
ولا أدرى لماذا تذكرت علي وجه التحديد الشهيد إبراهيم الرفاعي.. وإبراهيم الرفاعي يا سادة كان أحد ضباط الصاعقة المصرية.. وطني غيور علي مصر.. أبدى استعداده للتضحية بحياته من أجلها.. وقد فعل ذلك..تم تكليفه بقيادة وحدة عمليات خاصة تابعة لإدارة المخابرات الحربية .. وكان رجالها لا يقلون عنه بسالة .. قاد هذه الوحدة أثناء حرب الاستنزاف لتنفيذ عمليات ضد القوات الإسرائيلية خلف الخطوط في عمق سيناء.. فجر مراكز قيادة وخطوط اتصالات ومخازن ذخيرة للعدو .. وكان لهذه العمليات الفدائية أكبر الأثر في هز ثقة العدو وإضعاف قوته.. وفي حرب أكتوبر، وحينما تمكنت القوات الإسرائيلية من التسلل غرب القناة من خلال ثغرة الدفرسوار.. خططت القيادة لمنع الإمدادات عن القوات الإسرائيلية غرب القناة وتم تكليف الرفاعى بمهمة نسف هذا الكوبرى.. فاستقل لنشا معيا بالذخيرة، واصطدم به فى جسم الكوبرى ناسفا إياه، ونال الشهادة فى هذه العملية.. لم يجبن، ولم يتردد، ولم يبخل بروحه ودمه على الوطن، وقد كان الجندى فى هذا الوقت يقف كتفا إلى كتف مع قائدة.. والكل سواء فى الهدف والقدرة على التضحية.. فقد تمكن الجندى عبد العاطى بمفرده من تدمير ٢٧ دبابة إسرائيلية خلال الحيرب من مسافات قريبة جدا.. وأعرف طيارا مقاتلا فى حادث سيارة يوم ٧ أكتوبر ١٩٧٣. وخلع كتفه، فأسر الأمر فى نفسه، ولم يفصح لمخلوق عما
أصابه، واكتفى بربط مكان الاصابة، كاتما ألمه حتى يحرم من شرف المشاركة فى الحرب، وطار بطائرته الميج، وأسقط طائرة معادية بالفعل.. تخيلوا معى حجم المصيبة.. لقد ضحى الرفاعى وكل شهداء مصر بأرواحهم حفاظا على الوطن، حتى نصل الآن إلى زمن المواطن تامر حسنى الذى يتهرب من الجندية من أجل الفيديو كليب!!
الجندية شرف لكل مصرى، وواجب وطنى غير مرتبط بالعدو الإسرائيلى أو أى عدو آخر.. فسويسرا مثلا لها جيش وليس لها أعداء.. المهم أن يشارك الجميع فى خدمة الوطن بروح وإقتناع.. والقضية الآن هى قضية إنتماء للوطن.. فتامر حسنى الذى فضل الهروب من شرف الخدمة العسكرية لا يشعر بقيمة الإنتماء.. والذين ساروا على خطاه أيضا لايشعرون بتلك القيمة .
الفارق كبير بين إنتماء الشباب لمصر عام ١٩٧٣، وإنتمائهم الآن لها.. وهو نفس الفارق الشاسع بين فئة إبراهيم الرفاعى وإخوانه، وفئة تامر حسنى وأمثاله. ومن المهم جدا للبعض أن يكون كل شعب مصر من نوع تامر حسنى!!
نحن فى أمس الحاجة لإعادة النظر وفورا فى إعادة الإنتماء للشباب قبل أن يضيع الوطن.